سورة الأنبياء - تفسير تفسير التستري

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الأنبياء)


        


{كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنا تُرْجَعُونَ (35)}
قوله: {وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً} [35] قال: الشر متابعة النفس والهوى بغير هدى، والخير العصمة من المعصية والمعونة على الطاعة.


{وَأَيُّوبَ إِذْ نادى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (83)}
قوله تعالى: {وَأَيُّوبَ إِذْ نادى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ} [83] قال: الضر على وجهين: ضر ظاهر وضر باطن فالباطن حركة النفس عند الوارد واضطرابها، والظاهر إظهار ما في السر من ذلك، فمتى احتل الضر الباطن سكن الظاهر عن إظهاره وصبر على الآلام، وإذا تحرك الباطن تحت الوارد انزعج الظاهر بالصياح والبكاء، فكان شكواه إلى اللّه عزّ وجلّ كي يعطي المعونة على رضا قلبه بالوارد، وذلك أن القلب إذا كان راضيا بأمر اللّه لم يضر العبد ما فعلت جوارحه، ألا ترى إلى بكاء النبي صلّى اللّه عليه وسلّم حين مات ابنه إبراهيم كيف بكى عليه رحمة له بطبع البشرية، فلم يضره ما فعلت جوارحه، لأن قلبه كان راضيا به.
وكان سهل يقول لأصحابه: قولوا في دعائكم: إلهي إن طبختني فأنا قدر، وإن شويتني فأنا محنوذ، ولا بد أن تعرف، فمنّ عليّ بمعرفتك.
وسئل سهل عن الدار، دار إسلام أم دار كفر؟ فقال: الدار دار بلوى واختبار. وقال عبد الرحمن المروزي لسهل: يا أبا محمد، ما تقول في رجل من منذ خمسة وعشرين يوما تطالبه نفسه أن تشبع ورق السدر من منذ ثمانية عشر يوما؟ فقال له سهل: ما تقول في رجل تطالبه نفسه أن يشم ورق السدر. قال: فوثب عبد الرحمن وانتفخت أوداجه.
قوله تعالى: {قُلْنا يا نارُ كُونِي بَرْداً وَسَلاماً عَلى إِبْراهِيمَ} [69] قال: النار مسلطة على الإحراق فمن لم تسلط عليه لم تحرقه. قال عمر بن واصل العنبري: كنت عند سهل ذات ليلة فأخرجت فتيلة السراج، فنالت من إصبعي شيئا يسيرا أو لمت منه، فنظر إلي سهل ووضع إصبعه نحو ساعتين، لا يجد لذلك ألما ولا أثرا بإصبعه أثر، وهو يقول: أعوذ باللّه من النار.


{وَلَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ الصَّالِحُونَ (105) إِنَّ فِي هذا لَبَلاغاً لِقَوْمٍ عابِدِينَ (106)}
قوله: {أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ الصَّالِحُونَ} [105] قال: أضافهم إلى نفسه وحلاهم بحلية الصلاح، معناه: لا يصلح إلا ما كان خالصا لي، لا يكون لغيري فيه أثر، وهم الذين أصلحوا سريرتهم مع اللّه، وانقطعوا بالكلية عن جميع ما دونه.
قوله: {إِنَّ فِي هذا لَبَلاغاً لِقَوْمٍ عابِدِينَ} [106] قال: لم يجعله بلاغا لجميع عباده، بل خصه لقوم عابدين، وهم الذين عبدوا اللّه تعالى، وبذلوا له مهجهم، لا من أجل عوض، ولا من أجل الجنة، ولا من أجل النار، بل حبا له وافتخارا بما أهّلهم لعبادتهم إياه، واللّه سبحانه وتعالى أعلم.

1 | 2